بنود صلح الحديبية مفصلة
_____________________________
بايع الصحابة الكرام رضوان الله عليهم النبي صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة {{ بيعة الرضوان }}
و وصل الخبر لقريش ، أن اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قد بايعوه على {{ الموت }}
فأصاب قريش الرعب ، والخوف والهلع ، من هذه البيعة
فقال لعثمان رضي الله عنه : انطلق وقل لمحمد أن قريش وافقت على الصلح
وأرسلت قريش {{ سهيل بن عمرو }} وهو شخصية هادئة طيبة
فلما قدم {{ سهيل }} ومعه رجال من قريش
ورآه النبي صلى الله عليه وسلم من بعيد
قال لأصحابه : قد سهل لكم أمركم ، ما أرسلت قريش هذا إلا لأنهم يريدون الصلح
[[ لم يقل صلى الله عليه وسلم هذا الوصف عن سهيل نبؤة فقط ، فالنبؤة هي تاج الأمر ، ولكن ايضاً فراسة وفطانة و عقل راجح عند النبي صلى الله عليه وسلم ]]
والسؤال هو
لماذا اختارت {{ قريش }} هذه الشخصية الهادئة الطيبة السهلة ، ليتفاوض مع النبي صلى الله عليه وسلم ؟؟
أليس من الطبيعي أن ترسل شخصية صعبة ليتفاوض مع النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى يحصل على أكبر قدر من المكاسب ؟؟
لماذا لم ترسل للمفاوضة أحد من الصقور
يعني مثل {{عمرو بن العاص }}
أو {{ خالد بن الوليد }}
أو {{ عكرمة بن أبي جهل}}
أو {{صفوان بن أمية }}
أو {{ أبو سفيان بن حرب }} ؟؟
السبب هو أن قريش
١_ كانت تريد الصلح
٢_ خائفة من الحرب
٣_ خائفة من البيعة
[[ التي أخذها النبي صلى الله عليه وسلم من المسلمين بيعة الموت ]]
فكانت قريش لا تريد أن ترسل أحد يمكن أن يصل بالأمور الى طريق مسدود ومن ثم الى الحرب والقتال
لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم عندما رأى سهيل
قال : قد سهل لكم أمركم ، ما أرسلت قريش هذا إلا لأنهم يريدون الصلح
فقدم سهيل مع رجال من قريش ، فسلم وجلس الى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال :يا محمد إن قريش قد أرسلتني إليك أمثلهم فأعطيك وأخذ منك
أما الأولى يا محمد هي
{{ البند الأول }}
أن يرجع المسلمون ولا يدخلون مكة لأداء العمرة هذا العام ولا تدخل عليهم عنوة أبدا ترجع الى بلدك [[ أي المدينة ]]
فصاح أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
وقالوا : بلدنا وبلد رسول الله هي مكة !!
فأشار إليهم النبي صلى الله عليه وسلم أن اسكتوا ، فسكتوا
فأكمل سهيل
ترجع الى بلدك هذا العام لا تدخلها ، على أن يأتوا العام القادم لأداء العمرة
فيدخلون مكة بسيوفهم فقط ، والسيوف في القرب [[ أي في اغمادها ]]
ويظلون في مكة ثلاثة ايام فقط، ثم يخرجوا منها بعد ذلك وتترك قريش لهم مكة هذه الأيام الثلاثة
لا يشارككم بها احد من قريش [[ يعني قريش تخرج من مكة لرؤوس الجبال ويتركوا مكة للنبي واصحابه ]]
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : رضينا
{{ البند الثاني }}
وضع الحرب بين المسلمين وبين قريش عشر سنين
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :رضينا
{{ البند الثالث }}
للعرب الخيار من أحب أن يدخل في عقد محمد [[ اي دينك ]] وعهده دخل فيه ، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : رضينا
{{البند الرابع }}
من جاءك من قريش مسلماً بدون أذن وليه ترده إلينا
ومن جاءنا من اصحابك مرتداً ،بأذن وبغير أذن لا نرده إليك
[[ أي أن يعيد المسلمين من أسلم من أهل مكة بعد الصلح لقريش، ولا تعيد قريش من ارتد من المسلمين الى المدينة ]]
فصاح اصحاب النبي
لا نعطي الدنية في ديننا والله ، ونحن على الحق وأنتم على الباطل
فأشار النبي صلى الله عليه وسلم إليهم بيده ان اسكتوا فسكتوا
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : رضينا
لنقف مع هذه البنود نعلق عليها بأختصار
{{البند الأول }}
وكان هذا ، هو أهم بند عند قريش
ألا يدخل المسلمون لأداء العمرة لماذا ؟
لأن دخول المسلمين لأداء العمرة [[من وجهة نظرهم ]] سيهز هيبتهم ، ويحط كبريائهم في الجزيرة العربية
{{البند الثاني }}
وضع الحرب بين المسلمين وبين قريش عشر سنين
وهذا البند في صالح المسلمين ، لماذا ؟؟
لأنه سيتيح للمسلمين التفرغ لبناء دولتهم ، والتفرغ للدعوة ولأن الدعوة في حالة الأمان أفضل من الدعوة في حالة الحرب
وأيضا لإعطاء فرصة للمسملين ، لمحاربة عدوهم الثاني في الجزيرة العربية بعد قريش وهم اليهود
وهذا ما حدث بالفعل بعد الحديبية أن توجه المسلمون لحرب اليهود في {{ خيبر }}
ولم يكن هذا البند في صالح قريش الا في جانب واحد فقط، وهو فك الحصار الإقتصادي الذي كان يفرضه النبي صلى الله عليه وسلم على قريش ، وهو جانب مادي بحت لن يفيد قريش كثيرا في صراعها مع المسملين
{{ البند الثالث }}
من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه
ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه
وهذا البند في صالح المسلمين لماذا ؟؟
لأن قريش كما قلت لكم من قبل كانت من أقوى قبائل الجزيرة
وجميع القبائل في الجزيرة لها مصالح اقتصادية وغير اقتصادية مع قريش
فكانت قريش تمنع القبائل من الدخول في حلف مع النبي صلى الله عليه وسلم
ولذلك بعد هذه المعاهدة دخلت الكثير من القبائل في حلف مع النبي صلى الله عليه وسلم
و أولهم كانت قبيلة {{ خزاعة }} كانت من القبائل الكبيرة في الجزيرة ، فبعد هذه المعاهدة قامت خزاعة ودخلت في الاسلام
{{ البند الرابع }}
أن يعيد المسلمين من أسلم من أهل مكة بعد الصلح لقريش، ولا تعيد قريش من ارتد من المسلمين الى المدينة
الجزء الثاني من هذا البند
لا يضر المسلمين في شيء ، بل على العكس هو في صالح الدولة الإسلامية
لأن المسلمين لا يريدون في الصف الإسلامي الا المؤمنين فقط ، ووجود غير المؤمنين في المدينة يضعف المسلمين ويمكن أن يكون عيناً لقريش
أما الجزء الأول من البند وهو أن
{{يعيد المسلمين من أسلم من أهل مكة بعد الصلح لقريش }} فقد اثار ذلك اعتراض كل الصحابة تقريبا ، ووجدوا فيه ظلما للمسلمين
وتحدث {{ عمر بن الخطاب }} الى النبي صلى الله عليه وسلم
وقال: يا رسول الله لم نعطِ الدنية في ديننا ؟؟
[[لأن الطبيعي أن تكون المعاملة بالمثل فلا يعيد المسلمون كذلك من أسلم من أهل مكة الى قريش ]]
ولكن النبي صلى الله عليه وسلم
أراد أن يعطي قريش في هذه المعاهدة شيئاً مقابل أشياء كثيرة أخذها منهم
[[ وطالما هناك تفاوض ومعاهدة فلابد أن تأخذ شيئا وتعطي شيئًا، والا فما معنى التفاوض ]]
وحقيقةً قريش لم تستفد من هذا البند شيئا
لأن بعد الصلح ، ومع أول حالة
كان هناك {{ امرأة }} اسلمت وتركت مكة وهاجرت الى المدينة فنزلت آية ألغت هذا البند بالنسبة للنساء
قال تعالى في سورة الممتحنة
{{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۚ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ۚ ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ ۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }}
ثم يقول تعالى {{ وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ }}
هذا البند كان بالنسبة للرجال و لم تستفيد منه قريش
وسنرى كيف بعد فترة انقلب هذا البند ضد قريش ، و كان وبالاً عليها
اذن كانت المعاهدة في {{ صالح المسلمين }} ولم يصل المسلمون الى ذلك الا بعد {{ ٦سنوات كاملة }}
هي عمر الدولة الإسلامية ، قدم فيها المسلمون كثير من التضحيات والدماء والشهداء،،
التعليقات