التخطي إلى المحتوى
بو عزيزي أحرق العالم العربي بينما أرون بوشنل لم يحرق أمريكا

بو عزيزي أحرق العالم العربي بينما أرون بوشنل لم يحرق أمريكا ،،

 

حينما أقدم المواطن التونسي بو عزيزي على إحراق نفسه بسبب صفعة تلقاها كما قيل من مسؤلة البلدية ، تحرك الغرب كله وجند كل طاقاته السياسية والاعلامية لإسقاط الأنظمة العربية وكان له ما أراد ، لأنه كان يخطط لهذه المرحلة من انعدام المرجعية القومية ، حتى بات المواطن العربي يتبرأ من عروبته في ظل أنظمة عجزت حتى عن إدخال المساعدات الإنسانية للفلسطينيين .

 

اليوم نحن أمام ذات المشهد ، لكن بطله هذه المرة طيار أمريكي ، لم تمنعه مسؤلة البلدية من التجوال بعربته التي يبيع عليها ، بل هو الذي امتنع عن قيادة طائرته الحربية لقتل مزيد من المدنيين في غزة ، إنه آرون بوشنل الذي رفض أن يكون متواطئا في الإبادة الجماعية ، بعد أن قتلت إسرائيل ٣٠ ألف فلسطيني وأصابت أكثر من ٧ ألف معظمهم من الأطفال والنساء .

 

ما سمي بالربيع العربي استدعى النص الديني ضد الأنظمة العربية وتم تفعيل الفوضى للقضاء على النظام واليوم يستدعي الغرب ومعه إسرائيل النص الديني لمواجهة الهوية العربية ، وجهي المعادلة حماس والإمارات وليس إيران كما يحاول البعض تصوير ذلك ، لأن إيران جزء من هذه الفوضى ، الإمارات أوكل لها تسليم مفاتيح القدس لإسرائيل والإمارات في مواجهتها لحماس بوصفها جزء مصغر من الإخوان تكفل الإماراتيون بمواجهتهم واقتلاعهم من جذورهم .

 

كما قلت ، إن فوضى الربيع العربي قتلت النظام وحولت الشعوب العربية إلى جزر متنافرة ، تخلت هذه الشعوب حتى عن الاحتجاجات الشعبية ولم تواكب الاحتجاجات الشعبية في كبرى المدن الغربية التي كانت على الضد من أنظمتها السياسية الداعمة للمجازر الإسرائيلية ، بل إن جنوب أفريقيا خطت خطوة متقدمة في اتجاه محكمة العدل لمنع الإبادة الجماعية في غزة .

 

الشعوب العربية فقدت هويتها وأضحت تابعة لأنظمتها المطبعة علنا أو سرا ولم يحرك فيها ساكنا ذلك التدمير الممنهج للحياة في غزة ولا ذلك التعطش للقتل والدم وإحلال الخراب بالإنسان والعمران ، ما يمكن قوله ، إن الشعوب العربية دمرت ما تأسس من نظام خلال النصف الأخير من القرن العشرين بحجة البحث عن الديمقراطية ، بينما الغرب المدعي الديمقراطية لم يهتز لتلك النيران التي التهمت جسد آرون بوشنل ولا لتلك الحشود الشعبية المساندة للقضية الفلسطينية ومازال يقدم إسرائيل على أنها الدولة الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط بعد كل هذه المجازر والمحارق .

 

كان بإمكان الحكام العرب أن يجعلوا من تضحيات الفلسطينيين في غزة باعثا لميلاد عصر جديد يعزز الحقوق الإنسانية وينتصرون لوجودهم ، حتى لو كانوا يكرهون حماس وما تمثله من أيديولوجيا ، لأن حدود المواجهة المرسومة ليست غزة بل المعركة الحقيقية ستكون في مصر والأردن ، وانعكاس ما سيجري في هذين البلدين سيعكس نفسه على المنطقة العربية بأكملها .

التعليقات

اترك تعليقاً